للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

علم الأمي له من أعلام نبوته الظاهرة فقال: {وإذ} أي اذكر لهم هذا، فإن لمن يتعظوا اذكر لهم إذ {نتقنا} أي قلعنا ورفعنا، وأتى بنون العظمة لزيادة الترهيب {الجبل} عرفه لمعرفتهم به، وعبر لدلالة لفظه على الصعوبة والشدة دون الطور - كما في البقرة - لأن السياق لبيان نكدهم بإسراعهم في المعاصي الدالة على غلظ القلب.

ولما كان مستغرقاً لجميع الجهة الموازية لعساكرهم، حذف الجار فقال: {فوقهم} ثم بين أنه كان أكبر منهم بقوله: {كأنه ظلة} أي سقف، وحقق أنه صار عليهم موازياً لهم من جهة الفوق كالسقف بقوله: {وظنوا} هو على حقيقته {أنه واقع} ولما كان ما تقدم قد حقق العلو، لم يحتج إلى حرف الاستعلاء، فقال مشيراً إلى السرعة واللصوق: {بهم} أي إن لم يأخذوا عهود التوارة، قالوا: ولما رأوا ذلك خر كل منهم ساجداً على حاجبه الأيسر، وصار ينظر بعينه اليمنى إلى الجبل فزعاً من سقوطه، وهي سنة لهم في سجودهم إلى الآن، يقولون: هذه السجدة التي رفعت عنا بها العقوبة.

ولما كان كأنه قيل: فقالوا: أخذنا يارب عهودك، قال مشيراً إلى عظمته ليشتد إقبالهم عليه إشارة إلى أنه علة رفع الجبل: {خذوا ما آتيناكم} أي بعظمتنا، فهو جدير بالإقبال عليه وإن يعتقد فيه الكمال، وأكد ذلك بقوله: {بقوة} أي عزم عظيم على احتمال

<<  <  ج: ص:  >  >>