بوعد جازم زماناً طويلاً وأمد لهم وهم يعصون حتى يظنون أن الله يحبهم حتى يزيدوا في ذلك لأنهم لا يفعلون شيئاً إلا بمرادي ولا يفوتوني ولم يأت بهما على نهج واحد، لأن الاستدراج يكون بواسطة وبغيرها، فكأنه قال: سأستدرجهم بنفسي من غير واسطة تارة وبمن أتيح لهم النعم على يده من عبيدي وجنودي أخرى، وأما الإملاء وهو تطويل الأجل - فلا يتصور أن يكون إلا من الله تعالى.
ولما كان هذا موجباً لهم - ولابد - الإصرار على المعاصي حتى يصلوا إلى ما حكم عليهم به من النار، قال مستأنفاً {إن كيدي} أي فعلي الذي ظاهرة رفعة وباطنه ضيعة - ظاهره إحسان وباطنه خذلان {متين*} أي شديد قوي لا يمكن أحداً قطعه، قال الإمام بعد تأويل للمعتزله حملهم عليه إيجابهم رعاية الأصلح: وأنا شديد التعجب من المعتزله، يرون القرآن كالبحر الذي لاساحل له مملوءاً من هذه الآيات، والدلائل العقلية القاهرة مطابقة لها، ثم يكتفون في تأويلها - أي عن أنه تعالى يريد الشر - بهذه الوجوه الضعيفة إلا أن علمي بما أراد الله كائن، مزيل هذا التعجب.
ولما كان السياق من أول السورة لإنذارهم، وكان لا بد في صحة الإنذار من تصحيح الرسالة، وختم بأمر الاستدراج، وكانوا قد واقعوا من المعاصي ما لا يجترىء عليه إلا مطموس البصيرة، وكان عندهم أن