ولما كان من لا ينصر غيره قد ينصر نفسه، نفي ذلك بقوله:{ولا أنفسهم ينصرون*} أي في وقت من الأوقات عند يصيبهم بسوء، بل عبدتهم يدافعون عنهم.
ولما تبين من هذا الاستفهام الإنكاري المعجب من حالهم في ضلالهم في أسلوب الغيبة أن من أشركوه ليس فيه نوع قابلية لما أهلوه، فإن المعبود يجب أن يكون قادراً، ومن كان عاجزاً نوع عجز كان مربوباً، وكان للتنبيه بالخطاب ما ليس له بالغيبة؛ أتبع ذلك في إسلوبه تعجيباً آخر منهم أشد من الأول، وذلك أن معبوداتهم التي أشركوا بها كما أنها لا تفعل شيئاً من تلقاء أنفسها، لا تفعله عند دعاء الداعي ولا تهتدي إليه فقال تعالى {وإن تدعوهم} أي وإن تدعوا أيها المشركون أصنامكم دعاء مستمراً متجدداً {إلى الهدى} أي إلى الذي يدل الداعي إليه قطعاً، على أن المتخلف عنه سيىء المزاح، محتاج إلى العلاج، لكونه تخلف عما لا يتخلف عنه من له نوع صلاح لكونه أشرف الأشياء، فالمتخلف عنه راض لنفسه بالدون {لا يتبعوكم} أي في ذلك الهدى الذي دعوتموهم إليه ولم بالغتم في الاستتباع، ولعله عبر بصيغة الافتعال إشارة إلى أنها لا يتصور منها قصد التبع فضلاً عن إيجاده، ثم بين أن ذلك ليس بأمر عارض، بل هو مستمر دائم بقوله مستأنفاً تأكيداً للمعنى:{سواء عليكم} .