واتفق المفسرون على تخريجها على أن «إن» هي النافية أعملت عما «ما» الحجازية، فرفعت الاسم ونصبت الخبر، وإعمالها هذا العمل فيه خلاف، أجازه الكسائي وأكثر الكوفيين، ومن البصريين ابن السراج والفارسي وابن جني، ومنع منه الفراء وأكثر البصريين، واختلف النقل عن سيبويه والمبرد، والصيحح أن إعمالها لغة ثبت ذلك في النظم والنثر - ذكر ذلك كله أبو حيان وذكر أنه أشبع الكلام فيه في شرح التسهيل، واعترض على هذا التخريج بأنه يلزم منه منافاتها للقراءة المشهورة، وإنما يسلم له ذلك لو توارد النفي والإثبات على شيء واحد، وليس الأمر هنا كذلك، فالإثبات لمماثلتها لهم في مطلق العجز، والنفي لمساواتها لهم فيه لزيادتهم عنها بالبطش ونحوه، أو يكون الأمر - كما قال الزمخشري - أن الإثبات على سبيل التنزل والنفي على الحقيقة.
ولما أثبت عجزهم وأنهم أمثالهم، دل عليه وعلى أنهم دونهم بأسلوب إنكار وتعجيب مفصلاً لبعض ما نفاه عنهم - فقال مقدماً الأرجل لأن أول ما يخشى من الشيء انتقاله:{ألهم أرجل} ولما كانت لهم جوارح مصنوعة، بين المراد بقوله:{يمشون بها} .
ولما كان المخشيّ بعد الانتقال مدّ اليد، قال:{أم لهم أيد} أي موصوفة بأنهم {يبطشون بها} أي نوعاً من البطش؛ ولما كان المخوف بعد البطش باليد البصر خوفاً من الدلالة قال:{أم لهم أعين}