للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولما أمره بذلك في نفسه، أمره به في غيره فقال:؛ {وأمر بالعرف} أي بكل ما عرفه الشرع وأجازه، فإنه من العفو سهولة وشرفاً، وقد تضمن ذلك النهي عن المنكر فأغنى بذلك عن ذكره لأن السياق للمساهلة؛ ولما أمره بالفعل في نفسه وغيره، أتبعه الترك فقال: {وأعرض عن الجاهلين*} أي فلان تكافئهم بخفتهم وسفههم ولا تمارهم فإن ذلك أسهل من غيره، وذلك بعد فضيحتهم بالدعاء، وذلك - لأن محط حالهم اتباع الهوى فيدعوهم إلى تكلف ضد هذه الخصال، وفيه إشارة إلى النهي عن أن يذهب نفسه عليهم حسرات مبالغة في الشفقة عليهم، وعن جعفر الصادق أنه ليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها.

ولما كان الشيطان بعداوته لبني آدم مجتهداً في التنفير من هذه المحاسن والترغيب في أضدادها، وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد نزع منه حظ الشيطان بطرح تلك العلقة السوداء من قبله إذ شق جبرائيل عليه السلام صدره وغسل قلبه وقال: هذا حظ الشيطان منك؛ شرع لأمته ما يعصمهم منه عند نزغه مخاطباً له بذلك ليكون أدعى لهم إلى القبول وأجدر باشتداد الخوف المقتضي للفرار المثمر للنجاة، لأنهم إذا علموا

<<  <  ج: ص:  >  >>