للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمرهم به لعلمه بالعواقب فحمدوا أثره، ليكون ادعى لتسليمهم لأمره وازدجارهم بزجره، فشبه حال كراهتهم لترك مرادهم في الأنفال بحال كراهتهم لخروجهم معه ثم بحال كراهتهم للقاء الجيش دون العير، ثم إنهم رأوا أحسن العاقبة في كلا الأمرين فقال: {كما} أي حالهم في كراهية تسليم الأنفال - مع كون التسليم هو الحق والأولى لهم - كما كانت حالهم إذ {أخرجك ربك} أي المحسن إليك بالإشارد إلى جميع مقاصد الخير {من بيتك بالحق} أي الأمر الفيصل الفارق بين الثابت والمزلزل {وإن} أي والحال أن {فريقاً} عبر به لأن آراءهم كانت تؤول إلى الفرقة {من المؤمنين} أي الراسخين في الإيمان {لكارهون*} ثم ذكر دليل كراهتهم فقال: {يجادلونك} أي يكررون ذلك إرادة أن يفتلوك عن اللقاء للجيش إلى الرجوع عنه.

ولما كان الجيش امراً قد حتمه الله فلا بد من وقوعه مع أنه يرضيه، قال: {في الحق} أي الذي هو إيثار الجهاد {بعد ما تبين} أي وضح وضوحاً عظيماً سهلاً من غير كلفة نظر بقرائن الأحوال بفوات العير وتيسير أمر النفير وبإعلام الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهم تارة صريحاً وتارة تلويحاً كقوله «والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم، هذا مصرع فلان وذلك مصرع فلان» .

ولما كان سبحانه قد حكم باللقاء والنصرة تأييداً لوليه وإعلاء لكلمته مع شدة كراهتهم لذلك، شبه سوقه لهم إلى مراده.

<<  <  ج: ص:  >  >>