للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو استوجب حكماً لعينه وعلته الخاصة به، ولما أمر المسلمون بحل أيديهم عن الأنفال يوم بدر إذ كان المقاتلة قد هموا بأخذها وحدثوا أنفسهم بالأنفراد بها ورأوا أنها من حقهم وأن من لم يباشر قتالاً من الشيوخ ومن انحاز منه لمهم فلا حق له فيها، ورأى الآخرون أيضاً أن حقهم فيها ثابت لأنهم كانوا فيه للمقاتلين عدة وملجأ وراء ظهورهم، كان ما أمرهم الله به من تسليم الحكم في ذلك إلى الله رسوله من باب حسم الذرائع لأن تمشية أغراضهم في ذلك - وإن تعلق كل من الفريقين بحجة - مظنة لرئاسة النفوس واستسهال اتباع الأهواء، فأمرهم الله بالتنزه عن ذلك والتفويض الله ولرسوله فإن ذلك أسلم لهم وأوفى لدينهم وأبقى في إصلاح ذات البين وأجدى في الأتباع {فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} [الأنفال: ١] الآية، ثم ذكروا بما ينبغي لهم يلتزموا فقال تعالى {إنما المؤمنون} [الأنفال: ٢]- إلى قوله: {زادتهم إيماناً} [الأنفال: ٢] ثم نبهوا على أن أعراض الدنيا من نفل أو غيره لا ينبغي للمؤمن أن يعتمد عليه اعتماداً يدخل عليه ضراراً من الشرك أو التفاتاً إلى غير الله سبحانه بقوله: {وعلى ربهم يتوكلون} ثم ذكروا بما وصف به المتقين من الصلاة والإنفاق ثم قال {أولئك هم المؤمنون حقاً} تنبيهاً على أن من قصر في هذه الأحوال ولم يأت بها على كمالها لم يخرج عن الإيمان ولكن ينزل عن درجة الكمال بحسب تقصيره، وكان في هذا إشعار بعذرهم في كلامهم في الأنفال وأنهم قد كانوا في مطلبهم على حالة من الصواب وشرب من

<<  <  ج: ص:  >  >>