للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنه تعالى لما قال {وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له} بيَّن لهم كيفية هذا الاستماع وما الذي يتصف به المؤمن من ضروبه فقال {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله} [الأنفال: ٢] الآية، فهؤلاء لم يسمعوا بآذانهم فقط، ولا كانت لهم آذان لا يسمعون بها ولا قلوب لا يفقهون بها، ولو كانوا كذا لما وجلت وعمهم الفزع والخشية وزادتهم الآيات إيماناً، فإذن إنما يكون سماع المؤمن هكذا {ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون} [الأنفال: ٢١] ولما كان هؤلاء إنما أتى عليهم من اتباع أهوائهم والوقوف مع أعراضهم وشهواتهم {يأخذون عرض هذا الأدنى} [الأعراف: ١٦٩] {ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه} [الأعراف: ١٧٦] وهذه بعينها كانت آفة إبليس، رأى لنفسه المزيد واعتقد لها الحق ثم اتبع هذا الهوى حين قال {لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون} [الحجر: ٣٣] فلما كان اتباع الهوى أصلاً في الضلال وتنكب الصراط المستقيم، أمر المؤمنين بحسم باب الأهواء، والتسليم فيما لهم به تعلق وغن لم يكن هوى مجرداً لكنه مظنة تيسير لاتباع الهوى، فافتتحت السورة بسؤالهم عن الأنفال وأخبروا أنها لله ورسوله، يحكم فيها ما يشاء {فاتقوا الله} واحذروا الأهواء التي أهلكت من قص عليكم ذكره {وأصلحوا ذات بينكم} برفع التنازع، وسلموا لله ولرسوله، وإلا لم تكونوا سامعين وقد أمرتم أن تسمعوا السماع الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>