ما وراء الماء الذي نزلوا عليه من القلب كما هو مشهور في السير، ويكون رجز الشيطان وسوسته لهم بالقلة والضعف والتخويف بكثرة العدو، والربط على القلوب طمأنينتهم وطيب نفوسهم بما أراهم من الكرامة كما يوضح ذلك جميعه قول ابن هشام {وينزل عليكم من السماء} ماء للمطر الذي أصابهم تلك الليلة، فحبس المشركين أن يسبقوا إلى الماء وخلى سبيل المؤمنين إليه {ليطهركم به} أي من كل درن، وابتدأ من فوائد الماء بالتطهير لأنه المقرب من صفات الملائكة المقربين من حضرات القدس وعطف عليه - بقوله:{ويذهب عنكم} أي لا عن غيركم {رجز الشيطان} بغير لام ما هو لازم له، وهو العبد الذي كان مع الحدث الذي منه الجنابة المقربة من الخبائث الشيطانية بضيق الصدر والشك والخوف لإبعاد من الحضرات الملائكة «لا تدخل الملائكة بيتاً فيه جنب» والرجز يطلق على القذر وعبادة الأوثان والعذاب والشرك، فقد كان الشيطان وسوس لهم، ولا شك أن وسوسته من أعظم القذر فإنها تجر من تمادى معها إلى كل ما ذكر؛ ثم عطف عليه ما تهيأ له القلب من الحكم الإلهية وهو إفراغ السكينة فقال:{وليربط} أي بالصبر واليقين.
ولما كان ذلك ربطاً محكماً غالباً عالياً، عبر فيه بأداة الاستعلاء فقال:{على قلوبكم} أي بعد إسكانها الوثوق بلطفه عند كل ملمة حتى