وحينئذ يكون العذاب للعاصي نقمة وللطائع رحمة ويبعثون على نياتهم.
ولما حذرهم سبحانه عموم البلاء، أتبعه الإعلام بأنه قادر مربوب ليلزموا سبيل الاستقامه فقال:{واعلموا أن الله} أي الذي له الإحاطة بصفات العظمة {شديد العقاب*} .
ولما كان من أشد العقاب الإذلال، حذرهموه بالتذكير بما كانوا فيه من الذل، لأنه أبعث على الشكر وأزجر عن الكفر فقال:{واذكروا} وذكر المفعول به فقال: {إذ أنتم} أي في أوائل الإسلام {قليل} أي عددكم.
ولما كان وجود مطلق الاستضعاف دالاً على غاية الضعف بنى للمفعول قوله:{مستضعفون} أي لا منفذ عندكم {في الأرض} أطلقها والمراد مكة، لأنها لعظمها كأنها هي الأرض كلها، ولأن حالهم كان في بقية البلاد كحالهم فيها أو قريباً من ذلك، ولذلك عبر الناس في قوله:{تخافون} أي في حال اجتماعكم فكيف عند الانفراد {أن يتخطفكم} أي على سبيل التدريج {الناس} أي كما تتخطف الجوارح الصيود، فحذرهم سبحانه - بالتنبيه على قادر على أن يعيدهم إلى ما كانوا عليه - من هذه الأحوال بالمخالفة بين كلمتهم وترك التسبب إلى اجتماعها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي ذلك