رجّع الصوت في المكان الخالي، فهو كناية عن أن صلاتهم لا معنى لها، وأصله صدد - مضاعف - إذا أعرض ومال مثل التظني من ظنن -، فهذا لهو لا عبادة وهزء لا جد مع أن الأمر جد وأيّ جد كما قال تعالى:{أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون}[النجم: ٥٩- ٦١] أي ولا تبكون في حال جدكم بدأبكم في العمل الصالح، فهذا الذي يعملونه مناف لحال البيت فهو تخريب لا تعمير، قال مقاتل: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى في المسجد قام رجلان من المشركين عن يمينه يصفران ويصفقان، ورجلان كذلك عن يساره ليخلطوا عليه صلاته، وتقدير الكلام على قراءة الأعمش: صلاتهم - بالنصب: وما كان شيء إلا مكاء وتصدية صلاتهم، فنفى عما يجعلونه صلاة كل شيء إلا المكاء والتصدية، فالصلاة مقصورة عليهما بهذا الاعتبار، فقد صارت بهذا الطريق بمعنى القراءة المشهورة سواء فتأمله فإنه نفيس جداً، وخرج عليه الخلاف في آية الأنعام {ثم لم تكن فتنتهم}[الأنعام: ٢٣] وغيره، وقد مضى هناك ما ينفع هنا، ومما يجب أن يعلم أن هؤلاء لم يذمهم الله لأنه أعلى الذم، بل ذمهم لكونهم اتخذوا العبادة لعباً لينبه بذلك على ذم من أشبههم في ذلك فعمد إلى ما هو مباح في أصله فاتخذه ديناً فكيف إذا كان مكروهاً أم كيف إذا كان حراماً، فقبح الله قوماً ادعوا أنهم أعرضوا عن الدنيا ثم اتخذوا الطبول والغنى والتصدية شعارهم ثم ضربوا به حتى فعلوه في