للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسمّع، قال القزاز: شردت الرجل تشريداً - إذا طردته، وشردت به - إذا سمّعت به وذكرت عيوبه للناس، وقوله تعالى {فشرد بهم} أي اجعلهم مطردين - انتهى.

فالمراد المبالغة في الإيقاع بهم لأنهم إذا ضربوا ضربة تفرقوا فيها على غير وجه ولا انتظام علم من شردوا إليه ممن وراءهم أنه قد تناهى بهم الذعر فذعر هو فوقع في الشرود قوة أو فعلاً، فعلى قراءة من جعل «من» حرف جر يكون المفعول محذوفاً، والتقدير: أوقع - بما تفعل بهؤلاء من الأمور الهائلة - التشريدَ في المكان الذي خلفهم بشرود من فيه قوة أو فعلاً بما سمعوا أو رأوا من حال هؤلاء حين واجهوك للقتال، وعلى قراءة من جعلها اسماً موصولاً تكون هي المفعول، فالمعنى: شرد الذين خلفهم من أماكنهم إما بالفعل أو بالقوة بأن تفترق قلوبهم بما تفعل بهولاء فتصير - بما ترى من قبيح حالهم - قابلة للشرود، ويكون اختلاف المعنى بالتبعيض في جعل «من» حرف جر والتعميم في جعلها موصولاً بالنظر إلى القوة أو الفعل.

ولما ذكر الحكم، ذكر ثمرته بأداة الترجي إدارة له على الرجاء فقال: {لعلهم} أي المشردين والمشرد بهم {يذكرون*} ما سبق من أيام الله فيعلموا أن هذه أفعاله، وهؤلاء رجاله، فينفعهم ذلك فلا ينقضوا عهداً بعده ولقد فعل بهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك فإنهم إن كانوا بني قريظة فقد ضربهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضربة لم يفلت منهم مخبر، بل

<<  <  ج: ص:  >  >>