حسبك الله وحسبك من اتبعك، وساقها سبحانه على وجه مكرر لكفاية نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محتمل لأن فيمن كان على اتباعه في ذلك الوقت لئلا يستقلوا بالنسبة إلى كثرة أعدائهم.
ولما بين أنهم كافون مكفيون، وكان ذلك مشروطاً بفعل الكيس والحزم وهو الاجتهاد بحسب الطاقة، أمره بأن يأمرهم بما يكونون به كافين من الجد في القتال وعدم الهيبة للأبطال في حال من الأحوال، فقال معبراً بالوصف الناظر إلى جهة التلقي عن الله ليشتد وثوق السامع لما يسمعه:{يا أيها النبي} أي الرفيع المنزلة عندنا الممنوح من إخبارنا بكل ما يقر عينه وعين أتباعه {حرض المؤمنين} أي الغريقين في الإيمان {على القتال} أي بالغ في حثهم عليه وندبهم بكل سبيل إليه، ومادة حرض - بأيّ ترتيب كان - حرض، حضر، رحض، رضح، ضرح؛ ترجع إلى الحضور ويلزمه الخفض والدعة، ويلزم الكسل فيلزمه الضعف فيلزمه الفساد، ومنه الحرض الذي أشفى على الهلاك، أي حضر هلاكه وحضر هو موضعه الذي هو فيه فصار لما به لا يزايله ما دام حياً، ورخص الثوب، أي غسله، من الدعه التي هي شأن الحضور غير المسافرين، والرحضاء عرق الحمى تشبيه بالمغسول، والمرضاح الحجر الذي لا يزال حاضراً لرضح النوى، والضريح شق مستطيل يوضع فيه الميت فيكون حاضره لازماً له دائماً إلى الوقت المعلوم، ويلزمه الرمي