حتى لم يثبت على الإسلام عشر العشر فصبر الصحابة رضوان الله عليهم لهم ونصروا عليهم، بل الذي صبر في الحقيقة أبو بكر رضي الله عنه وحده، ثم أفاض الله من صبره ونوره على جميع الصحابة رضي الله عنهم فصبروا، ثم جهز الجيش وأميرهم الذي سماه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيف الله، فأخمد الله به نار الشرك وقطع بصبره وحسن نيته جاذرة الكفر فلم تمض سنة وفي بلاد العرب مشرك.
فلما جمع الله العرب بهذا الدين على قلب رجل واحد قصدوا الأعاجم من الفرس والروم والقبط، فقاتلوا أهل فارس في عدة وقائع منها القادسية، وكان الصحابة رضي الله عنهم فيها دون أربعين ألفاً، وكان المجوس أكثر من أربعمائة ألف، وقاتلوا الروم كذلك فكانوا في اليرموك دون أربعين ألفاً وكان الروم نحو أربعمائة ألف - إلى غير ذلك من الوقائع وقد صبروا في أكثرها ونصروا، ثم كانت لهم العاقبة فطردوا الشرك وأهله، وأظهر الله لهم دينه كما وعد به سبحانه، وما اجتمع أهل الإسلام وأهل الضلال قط في معرك إلا كانت قتلى الكفار أضعاف قتلى المسلمين غير أن الله تعالى جده وتبارك اسمه وتمت كلمته ألطف بالعرب علماً منه بأنهم خلاصة الناس بما طبعهم سبحانه عليه من الخصال الحميدة والأخلاق السديدة فأسلم كل من اشتملت عليه جزيرتهم بعد وقائع في زمان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وزمان الردة، ولم تبلغ قتلاهم فيما أظن عشرة الآف إنسان، ثم لما