أي الذي له الإحاطة الكاملة بكل شيء قدرة وعلماً {سبق} أي في أم الكتاب من الحكم بإسعادكم، ومن أنه لا يعذب أحداً إلا بعد التقدم إليه بالنهي، ومن أنه سيحل لكم الفداء والغنائم التي كانت حراماً على من قبلكم تشريفاً لكم - كما قاله ابن عباس رضي الله عنهما {لمسكم فيما أخذتم} أي من الأسرى المراد بهم الفداء {عذاب عظيم*} ولكن سبق حكمي بأن المغنم - ولو بالفداء - لكم حل وإن تعجلتم فيه أمري.
ولما ساق سبحانه هذه البشارة في النذارة، سبب عنها قوله:{فكلوا مما غنمتم} أي من الفدية وغيرها حال كونه {حلالاً} أي لا درك ولا تبعة فيه من جهتي {طيباً} أي شهياً لكم ملائماً لطباعكم، وهذا إذا كان مع الشروط التي أقمتها لكم من عدم الغلول والخيانة بوجه من الوجوه والاستثار وشديد الرغبة السائقة إلى ما لا يليق من التنازع وغيره، ذلك فيما تقدمت فيه إليكم {واتقوا الله} أي الذي له جميع صفات الكمال في جميع ذلك فلا تغلوا ولا تنازعوا ولا تقدموا إلا على ما يبيحه لكم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إن الله} أي المتصف بالجلال والإكرام {غفور} أي لمن يعلم من قبله أنه من أهل التقوى {رحيم*} أي له، فلأجل ما علم في قلوبكم من الخير غفر لكم فلم يعذبكم بتسرعكم إلى إسار من لم يأمركم به الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمفاداة دون توقف على إذنه، ورحمكم فأحسن إليكم فأحل لكم الغنائم،