منهم بأن بني للمفعول قوله:{أوتوا الكتاب} أي من اليهود والنصاري ومن ألحق بهم {حتى يعطوا الجزية} أي وهي ما قرر عليهم في نظر سكناهم في بلاد الإسلام آمنين، فعله من جزى يجزي.
إذا قضى ما عليه {عن يد} أي قاهرة إن كانت يد الآخذ او مقهورة إن كانت يد المعطي، من قولهم: فلان أعطى بيده {وهم صاغرون*} ففي ذلك غنى لا يشبه ما كنتم فيه من قتال بعضكم لبعض لتغنم ما في يده من ذلك المال الحقير ولا ما كنتم تعدونه غنى من المتاجر التي لا يبلغ أكبرها واصغرها ما أرشدناكم إليه مع ما في ذلك العز الممكن من الإصلاح والطاعة وسترون، وعبر باليد عن السطوة التي ينشأ عنها الذل والقهر لأنها الآلة الباطشة، فالمعنى عن يد قاهرة لهم، أي عن قهر منكم لهم وسطوة بأفعالهم التي أصغرتهم عظمتها وأذلتهم شدتها، قال أبو عبيدة: يقال لكل من أعطى شيئاً كرهاً عن غير طيب نفس، أعطاه عن يد. انتهى. وعبر ب «عن» التي هي للمجاوزة لأن الإعطاء لا يكون إلا بعد البطش المذل، هذا إذا أريد باليد يد الآخد، ويمكن أن يراد بها يد المعطي، وتكون كناية عن النفس لأن مقصود الجزية المال، واليد أعظم أسبابه، فالمعنى حتى يعطي كل واحد منهم الجزية عن نفسه.