اتخذوه كذلك لكونهم جعلوه ابناً فأهلوه للعبادة بذلك مع كونه ابن امرأة، فهو لا يصلح للإلهية بوجه لمشاركته للآدميين في الحمل والولادة والتربية والأكل والشرب وغير ذلك من أحوال البشر الموجبة للحاجة المنافية للإلهية، ومع تصريحه لهم بأنه عبد الله ورسوله، فتطابق العقل والنقل على أنه ليس بإله.
ولما قبح عليهم ما اختاروه لأنفسهم، قبحه عليهم من جهة مخالفته لأمره تعالى فقال:{وما} أي فعلوا ذلك والحال أنهم ما {أمروا} أي من كل من له الأمر من أدلة العقل والنقل {إلا ليعبدوا} أي ليطيعوا على وجه التعبد {إلهاً واحداً} أي لا يقبل القسمة بوجه لا بالذات ولا بالمماثلة، وذلك معنى وصفه بأنه {لا إله إلا هو} أي لا يصلح أن يكون معه إله آخر، فلما تعين ذلك في الله وكانت رتبته زائدة أبعد عما أشركوا به، نزهه بقوله:{سبحانه} أي بعدت رتبته وعلت {عما يشركون*} في كونه معبوداً أو مشروعاً؛ ذكر أبو محمد إسحاق بن إبراهيم البستي القاضي في تفسيره وغيره عن عدي ابن حاتم رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي عنقي صليب من ذهب فقال: اقطعه، فقطعته ثم أتيته وهو يقرأ سورة براءة {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} قلت: يا رسول!