هذا على قراءة الجماعة والمعنى على قراءة حمزة والكسائي وحفص - بالبناء للمفعول: يضلهم مضل من قبل الله، وعلى قراءة يعقوب - بالضم: يضلهم الله؛ ثم بين ضلالهم بقوله:{يحلونه} أي ذلك الشهر، وعبر عن الحول بلفظ يدور على معنى السعة إشارة إلى أنهم يفعلونه ولو لم يضطرهم إلى ذلك جدب سنة ولا عض زمان، بل بمجرد التشهي فقال:{عاماً ويحرمونه عاماً} هكذا دائماً كلما أرادوا. وليس المراد أنهم كل سنة يفعلون ذلك من غير إجلال لسنة من السنين، وهذا الفعل نسخ منهم مع أنهم يجعلون النسخ من معايب الدين {ليواطئوا} أي يوافقوا {عدة ما حرم الله} أي المحيط بالجلال والإكرام في كون الأشهر الحرم أربعة {فيحلوا} أي فيتسبب عن هذا الفعل أن يحلوا {ما حرم الله} أي الملك الأعظم منها كلها، فلا يدع لهم هذا الفعل شهراً إلا انتهكوا حرمته فأرادوا بذلك عدم انتهاك الحرمة فإذا هم لم يدعوا حرمة إلا انتهكوها، فما أبعده من ضلال!
ولما انهتكت بهذا البيان قباحة فعلهم، كان كأنه قيل: إن هذا لعجب! ما حملهم على ذلك؟ فقيل:{زين} أي زين مزين، وقرىء شاذاً بإسناد الفعل إلى الله {لهم سوء أعمالهم} أي حتى رأوا حسناً ما ليس بالحسن فضلوا ولم يهتدوا، فعل الله بهم ذلك لما علم من طبعهم على الكفر فلم يهدهم {والله} أي الذي له صفات الكمال {لا يهدي} أي يخلق الهداية في القلوب {القوم الكافرين*} أي