للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وزناً ومعنى {من قبل} أي قبل أن تكون هذه المصيبة، فلم نكن مؤتمرين بأمر فيصيبنا فلم يكن ما أصاب من تبعه، فكان أمرهم - لو كانوا مطيعين - كان شيئاً متحققاً بيد الآمر، فلما عصوه كانوا كأنهم قد أخذوه منه.

ولما كان قولهم هذه بعيداً عن الاستقامة، فكان جديراً بأن لا يقال، وإن قيل كان حقيقاً بأن يستقال بالمباراة إلى الرجوع عنه والاستغفار منه، أشار تعالى إلى تماديهم فيه فقال: {ويتولوا} أي عن مقامهم هذا الذي قالوا فيه ذلك وإن طال إلى أهاليهم {وهم فرحون*} أي لمصيبتكم لكفرهم ولخلاصهم منها.

ولما كان قولهم هذا متضمناً لتوهم القدرة على الاحتراس من القدر، قال تعالى معلماً بجوابهم مخاطباً للرأس لعلو المقام: {قل} أي إنا نحن لا نقول مقالتكم لمعرفتنا بأنا لا نملك ضراً ولا نفعاً، بل نقول: {لن يصيبنا} أي من الخير والشر {إلا ما كتب} أي قدر {الله} أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً، ولما كان قضاء الله كله خيراً للمؤمن إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر، عبر باللام فقال: {لنا} أي لا يقدر على رده عنا إلا هو سبحانه {هو} أي وحده {مولانا} أي القريب منا الذي يلي جميع أمورنا، لا قريب منا سواه، فلو أراد لدفع عنا كل مصيبة لأنه أقرب إلينا منها، لا تصل إلينا بدون علمه وهو قادر، فنحن نعلم أن له في ذلك لطيف سريرة تتضاءل دونها ثواقب الأفكار وتخسأ عن الإحاطة بتحقيقها نوافذ الأبصار فنحن لا نتهمه في قضائه لأنا قد توكلنا عليه وفوضنا أمورنا إليه، والموكل

<<  <  ج: ص:  >  >>