أن يؤمروا تهكماً بهم بما أداهم إلى ذلك تخسيساً لشأنهم فقال:{فتربصوا} أي أنتم {إنا} أي نحن {معكم متربصون*} أي بكم، نفعل كما تفعلون، والقصد مختلف، والآية من الاحتباك: حذف أولاً الإصابة للدلالة عليها بما أثبت ثانياً، وثانياً إحدى السوأيين للدلالة عليها بإثبات الحسنيين أولاً.
ولما كان جملة ما يصيبهم منهم من العذاب الإنفاق بتزكية ما طهر من أموالهم بالإعانة في سبيل الله خوفاً من اتهامهم بالنفاق في أقوالهم ليفتدوا أنفسهم به من السفر، قال:{قل أنفقوا} أي أوجدوا الإنفاق لكل ما يسمى إنفاقاً {طوعاً أو كرهاً} أي مظهرين الطواعية أو مظهرين الكراهية؛ ولما كان الإعراض عنهم إنما سببه كفرهم لا إنفاقهم، لم يربط الجواب بالفاء بل قال:{لن يتقبل منكم} أي يقع تقبل لشيء يأتي من قبلكم أصلاً من أحد له أن يتقبل كائناً من كان، ولذلك بناه للمفعول، لأن قلوبكم كارهة ليست لها نية صالحة في الإنفاق ولا في غيره، فانقسام إنفاقكم إلى طوع وكره إنما هو باعتبار الظاهر، وكأنه عبر بالتفعل إشارة إلى قبوله منهم ظاهراً؛ ولما كان غير مقبول باطناً على حال من الأحوال علل بقوله:{إنكم كنتم} أي جبلة وطبعاً {قوماً فاسقين*} أي عريقين في الفسق بالغين أنهى غاياته.