وأجاب {إذا} بقوله ويجوز أن يكون استئنافاً و «قلت» هو الجواب {تولوا} أي عن سماع هذا القول منك {وأعينهم تفيض} أي تمتلىء فتسيل، وإسناد الفيض إليها أبلغ من حيث أنها جعلت كلها دمعاً: ثم بين الفائض بقوله: {من الدمع} أي دمعاً والأصل: يفيض دمعها، ثم علل فيضها بقوله؛ {حزناً} ثم علل حزنهم بقوله: {ألا يجدوا} أي لعدم وجدانهم {ما ينفقون} فحزنهم في الحقيقة على فوات مرافقتك والكون في حزبك، وهذه قصة الكبائين صرح بها وإن كانوا داخلين في {الذين لا يجدون} إظهاراً لشرفهم وتقريراً لأن الناصح - وإن اجتهد - لا غنى له عن العفو حيث بين أنهم - مع اجتهادهم في تحصيل الأسباب وتحسرهم عند فواتها بما أفاض أعينهم - ممن لا سبيل عليه أو ممن لا حرج عليه المغفور له.
ولما نفى السبيل عمن وصفه كر على ذم من انتفى عنه هذا الوصف فقال تعالى:{إنما السبيل} أي باللوم وغيره {على الذين يستأذنونك} أي يطلبون إذنك في التخلف عنك راغبين فيه {وهم أغنياء} أي فلا عذر لهم في التخلف عنك وعدم مواساتك، وتضمن قوله تعالى مستأنفاً:{رضوا بأن يكونوا} أي كوناً كأنه جبلة لهم {مع الخوالف} انتفاء