ولما كان من شأن الرضوان قبول القربان، أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تطهيراً لهم وتطييباً لقلوبهم بقوله:{خذ} ورحمهم بالتبعيض فقال: {من أموالهم صدقة} أي تطيب أنفسهم بإخراجها {تطهرهم} أي هي من ذنوبهم وتجري بهم مجرى الكفارة {وتزكيهم} أي أنت تزيدهم وتنميهم {بها} بتكثير حسناتهم {وصل} أي اعطف {عليهم} وأظهر شرفهم بدعائك لهم؛ ثم علل ذلك بقوله:{إن صلواتك} أي دعواتك التي تصلهم بها فتكون موصلة لهم إلى الله {سكن لهم} أي تطمئن بها قلوبهم بعد قلق الخوف من عاقبة الذنب لما يعلمون من أن القبول لا يكون إلا ممن حصل له الرضى عنهم ومن أن الله سمع قولك إجابة لك ويعلم صدقك في صلاحهم {والله} أي المحيط بكل شيء {سميع عليم*} أي لكل ما يمكن أن يسمع وما يمكن أن يعلم منك ومنهم ومن غيركم، فهو جدير بالإجابة والإثابة، وذلك أن هذا الصنف لما اشتد ندمهم على التخلف أوثقوا أنفسهم بسواري المسجد فسأل عنهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قدم فقيل: ندموا على التخلف عنك فحلفوا: لا يطلقهم إلا أنت، فقال: وأنا أطلقهم حتى أومر بذلك، فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآيات فقالوا: يارسول الله! هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فتصدق بها! فقال: ما أمرت بذلك، فلما أنزل الله هذه الآية أخذ الثلث فتصدق به.