بالمدينة الشريفة وإما الذي ببني عمرو بن عوف بقباء على الخلاف في ذلك. وهو الذي اتخذ في أول الإسلام مسجداً إحساناً وإيماناً وجمعاً بين المؤمنين وإعداداً لمن صادق الله ورسوله، ومدح أهله إرشاداً لكل من كان مال إليه من المؤمنين لقرب أو غيره إلى العوض عنه، ولعله أبهم تعيينه وذكر وصفه ليكون صالحاً لكل من المسجدين.
لما اتصف بهذا الوصف من غيرهما فقال مؤكداً تعريفاً بما له من الحق ولما للمنافقين من التكذيب:{لمسجد أُسس} أي وقع تأسيسه {على التقوى} أي فأحاطت التقوى به لأنها إذا أحاطت بأوله أحاطت بآخره؛ ولما كان التأسيس قد تطول مدة أيامه فيكون أوله مخالفاً لآخره، قال:{من أول يوم} أي من أيام تأسيسه، وفيه إشارة إلى ما تقدم من احتمال أن يريد أحد من أهل الإخلاص أن يتخذه مصلى، فبين أنه لايصلح لذلك لأن تأسيسه كان لما هو مباعد له {أحق أن تقوم فيه} أي بالصلاة والوعظ وغيره من مسجد لم يقصد به التقوى على التقدير فرض محال إلا في ثاني الحال.
ولما مدحه مدح أهله بقوله:{فيه رجال} أي لهم كمال الرجولية {يحبون أن يتطهروا} أي في أبدانهم وقلوبهم كمال الطهارة - بما أشار إليه الإظهار، فهم دائماً في جهاد أنفسهم في ذلك فأحبهم الله