{للنبي} أي الذي لا ينطق إلا بما عنده فيه بيان من الله {والذين آمنوا} أي أقروا بأنهم صدقوا بدعوته فلا يفعلون إلا ما عندهم منه علم {أن يستغفروا} أي يطلبوا المغفرة ويدعوا بها {للمشركين} أي الراسخين في الإشراك في عبادة ربهم {ولو كانوا} أي المشركين {أولي قربى} أي للذين آمنوا {من بعد ما تبين لهم} أي بموتهم على الشرك وإنزال هذه الآية للختم بالتخصيص بالجنة {أنهم أصحاب الجحيم*} أي لا أهلية لهم للجنة.
فإن الاستغفار معناه محو الذنوب حتى ينجو صاحبها من النار ويدخل الجنة وما ينبغي لهم أن يكون لهم إليهم التفات فإن ذلك ربما جر إلى ملاينة تفتر عن القتال الواقع عليه المبايعة، فما ينبغي إلا محض المقاطعة والمخاشنة والمنازعة. وتقييد النهي بالتبيين يدل على جواز الدعاء للحي فإن القصد بالاستغفار الإقبال به إلى الإيمان الموجب للغفران. ولما أنكر أن يكون لهم ذلك. وكان الخليل عليه السلام المأمور بالاقتداء به واللزوم بملته قد استغفر لأبيه، بين أنه كان أيضاً قبل العلم بما في نفس الأمر من استحقاقه للتأبيد في النار، فقال دالاً بواو العطف على أن التقدير: فما استغفر لهم بعد العلم أحد من المؤمنين: {وما كان استغفار إبراهيم} أي خليل الله {لأبيه} أي بعد أن خالفه في الدين {إلا عن موعدة} أي وهي قوله {لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء}[الممتحنة: ٤] وأكد صدور