مؤمن على المبادرة إلى التوبة، أكد ذلك بقوله:{والمهاجرين والأنصار} بمحو هفواتهم ورفع درجاتهم {الذين اتبعوه} أي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {في ساعة العسرة} أي أزمنة عزوة تبوك، كانوا في عسرة من الزمان بالجدب والضيقة الشديدة والحر الشديد، وعسرة من الظهر «يعتقب العشرة» على بعير واحد. وعسرة من الزاد «تزودوا التمر المدوّد والشعير المسوّس والإهالة الزنخة» وبلغت بهم الشدة أن اقتسم التمر اثنان، وربما مصها الجماعة ليشربوا عليها الماء، وفي عسرة من الماء حتى نحروا الإبل واعتصروا فروثها؛ وسماها ساعة تهويناً لأوقات الكروب وتشجيعاً على مواقعة المكاره فإن أمدها يسير وأجرها عظيم خطير، فكانت حالهم باتباعه في هذه الغزوة أكمل من حالهم قبلها، وأشار سبحانه إلى تفاوتهم في الثبات على مقامات عالية، ترقوا بالتوبة إلى أعلى منها، وفي قبول وساوس أبعدتهم التوبة عن قبولها بقوله:{من بعد ما كاد} أي قرب قرباً عظيماً {يزيغ} أي تزول عن أماكنها الموجبة لصلاحها، وأشار ب «من» إلى تقارب ما بين كيدودة الزيغ والتدارك بالتوبة. ولما كان المقام للزلازل،