أي الذي له الإحاطة الكاملة {إلا إليه} أي بما يرضيه، وهو مثل لتحيرهم في أمرهم، وجواب {إذا} محذوف دل عليه صدر الكلام تقديره: تداركهم بالتوبة فردهم إلى ما كانوا عليه قبل مواقعة الذنب.
ولما كان ما عملوه من التخلف عن أمر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عظيماً بمجرد المخالفة ثم يترك المواساة ثم بالرغبة عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم بأمور عظيمة شديدة القبح وخيمة فكان يبعد معه الزيادة عن رتبة التوبة، أعلم سبحانه أنه رقاهم في رتب الكمال بأن جعل ذلك سبباً لتطهيرهم من جميع الأدناس وتنقيتهم من سائر الأردان المقتضي لمزيد القرب بالعروج في مصاعد المعارف - كما أشار إليه قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكعب رضي الله عنه «أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك» ، أتبع ذلك سبحانه الإعلام به بقوله - مشيراً إلى ما بعده لولا فضل الله - بأداة الاستبعاد:{ثم تاب عليهم} أي رجع بهم بعد التوبة إلى مقام من مقامات سلامة الفطرة الذي هو أحسن تقويم يعلو لعلوه بالنسبة إلى ما دونه، توبة {ليتوبوا} أي ليرجعوا إلى ما تقتضيه الفطرة الأولى من الثبات على ما كانوا عليه من الإحسان في الدين والتخلق بإخلاق السابقين، ولعله عبر بالظن موضع العلم إشارة إلى أنه يكفي في الخوف من جلاله للانقطاع إليه مجرد الظن بأنه لا سبب إليه إلا منه لأنه محيط بكل شيء لا يعجزه شيء، ويمكن أن يكون التعبير - {ثم} إشارة إلى عظيم ما قاسوا من الأهوال وما ترقوا إليه من مراتب الخوف، وامتنان عليهم بالتوبة