ولما كان المقصود من إجهاد النفس بما ذكر إرغام الكفار باقتحام أرضهم المتوصل به إلى إيمانهم بالنيل منهم، أتبع ذلك قوله:{ولا يطؤون موطئاً} أي وطأً أو مكاناً وطؤه {يغيظ الكفار} أي وطؤهم له بأرجلهم أو دوابهم {ولا ينالون من عدو نيلاً} أي كائناً ما كان صغيراً او كبيراً {إلا كتب لهم به} أي في صحائف الأعمال، بني للمفعول لأن القصد إثباته لا من معين {عمل صالح} أي ترتب لهم عليه أجر جزيل.
ولما كان فاعل هذه الأشياء مقدماً على المعاطب في نفسه ومحصلاً لعرض الجهاد، أشير على وجه التأكيد في جملة اسمية إلى أنه محسن، أما في حق نفسه فبإقامة الدليل بطاعته على صدق إيمانه. وأما في غيره من المؤمنين فبحمايتهم عن طمع الكافرين. وأما في حق الكفار فبحملهم على الإيمان بغاية الإمكان، فقال تعالى معللاً للمجازاة:{إن الله} أي الذي له صفات الكمال {لا يضيع} أي لا يترك تركه ما من شأنه الإهمال {أجر المحسنين*} وأظهر موضع الإضمار تعميماً وتعليقاً بالوصف.