إلى الحث على كثرة النافرين كما هو أصل مدلولها الأغلب فيه {ليتفقهوا} أي ليكلف النافرون أنفسهم الفهم منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً فشيئاً {في الدين} أي بما يسمعونه من أقواله ويرونه من جميل أفعاله ويصل إلى قلوبهم من مستنير أحواله، وهذا غاية الشرف للعلم حيث جعل غاية الملازمة له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للجهاد، هذا إن كان هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النافر في تلك الغزاة، وإن كان غيره كان ضمير {يتفقهوا} للباقين معه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولما كان من العلم بشارة ومنه نذارة، وكان الإنسان - لما فيه من النقصان - أحوج شيء إلى النذارة، خصها بالذكر فقال عطفاً على نحو: ليخافوا في أنفسهم فيعملوا في خلاصها: {ولينذروا قومهم} أي يحذروهم ما أمامهم من المخاوف إن فرطوا في جانب التقوى {إذا رجعوا إليهم} أي ما أنذرهموه الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويبشروهم بما بشرهم به؛ ثم بين غاية العلم مشيراً إلى أن من جعل له غاية غيرها من ترفع أو افتخار فقد ضل ضلالاً كبيراً، فقال موجباً لقبول خبر من بلغهم:{لعلهم} أي كلهم {يحذرون*} أي ليكون حالهم حال أهل الخوف من الله بما حصلوا من الفقه لأنه أصل كل خير، به تنجلي القلوب فَتقبل على الخير وتعرض عن الشر، فإن الحذر تجنب الشيء لما فيه من الضرر، والمراد بالفقه هنا حفظ الكتاب والسنة وفهم معانيهما