للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما أتى به لا يستلزم نفيها، ولو تقيد بالصحة لاغتنى بنفي النطق عن نفي الاستهلال، فصح بهذا أنه دائر مع تحسين اللفظ صح المعنى أم لا، وينطبع في عقل عاقل أن يكون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذم السجع وهو يأتي به ويقصده في القرآن أو في السنة، ولو كان ذلك لأسرعوا الرد عليه، وذكر أصحاب فتوح البلاد في فتح مكران من بلاد فارس أن الحكم بن عمرو لما فتحها أرسل بالأخماس مع صحار العبدي، فلما قدم على عمر رضي الله عنه سأله عن مكران وكان لا يأتيه أحد إلا سأله عن الوجه الذي يجيء منه فقال: يا أمير المؤمنين! أرض سهلها جبل، وماءها وشل وثمرها دقل، وعدوها بطل، وخيرها قليل، وشرها طويل، والكثير بها قليل، والقليل بها ضائع، وما وراءها شر منها؛ فقال، أسجاع أنت أم مخبر؟ فقال: لا بل مخبر، قال: لاوالله! لا يغزوها جيش لي ما أطعت.

فقد جعل الفاروق السجع قسيماً للخير فدل على أن التقيد به عيب لإخلاله بالفائدة أو بتمام الفائدة، ولعله إنما جوز أن يكون مخبراً لنه انفك عن السجع في آخر كلامه وكرر لفظ «قليل» فكان ما ظنه، لأنه لو أراد السجع لأمكنه أن يقول والكثير بها ذليل،

<<  <  ج: ص:  >  >>