ولما كان ما تقدم من حالهم الغريبة التي تجب لها القلوب وتضعف عندها القوى - مقتضياً لأن يسأل عما يكون منهم عند ذلك، أتى المقال على مقتضى هذا السؤال مخبراً عن تركهم العناد وإخلاصهم الدال على جزعهم عند سطواته وانحلال عزائمهم في مشاهدة ضرباته، وعبارة لرماني: اتصال دعوى الأجوبة، كأنه قيل: لما ظنوا أنهم أحيط بهم {دعوا الله} أي الذي له صفات الكمال بالرغبة إليه في الخلاص والعبادة له بالإخلاص {مخلصين} أي عن كل شرك {له الدين *} أي التوحيد والتصديق بالظاهر والباطن، وقد تضمنت الآية البيان عما يوجبه بديهة العقل من الفزع عند الشدة إلى واهب السلامة ومسبغ النعمة في كشف تلك البلية؛ ثم أتبع سبحانه ذلك حكاية حالهم في وعدهم الشكر على النجاة ثم كذبهم في ذلك مع ادعائهم أنهم أطهر الناس ذيولاً عن الكذب وأشدهم استقباحاً له وأبعد الناس من كفران الإحسان، فقال تعالى حاكياً قولهم الذي دلُّوا بتأكيدهم له أنهم قالوه بغاية الرغبة نافين ما يظن بهم من الرجوع إلى ما كانوا فيه قبل تلك الحال من الكفر:{لئن أنجيتنا} أي أيها الملك الذي لا سلطان لغيره {من هذه} أي الفادحه {لنكونن} أي كوناً لا ننفك عنه {من الشاكرين*} أي المديمين لشكرك العريقين في الاتصاف به.