للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يقدرون على الجواب أصلاً بغير الإقرار بالافتراء فقال: {أرءيتم} أي أخبروني، وعبر عن الخلق بالإنزال تنبيهاً على أنه شيء لا يمكن ادعاءه لأصنامهم لنزول أسبابه من موضع لا تعلق لهم به بوجه فقال: {ما أنزل الله} أي الذي له صفات الكمال التي منها الغنى المطلق {لكم} أي خاصاً بكم {من رزق} أي أيّ رزق كان {فجعلتم منه} أي ذلك الرزق الذي خصكم به {حراماً وحلالاً} على النحو الذي تقدم في الأنعام وغيرها قصته وبيان فساده على أنه جلي الفساد ظاهر العوج؛ ثم ابتدأ أمراً آخر تأكيداً للإنكار عليهم فقال: {قل} أي من أذن لكم في ذلك؟ {الله} أي الملك الأعلى {أذن لكم} فتوضحوا المستند به {أم} لم يأذن لكم فيه مع نسبتكم إياه إليه لأنكم فصلتموه إلى حرام وحلال ولا محلل ومحرم إلا الله، فأنتم {على الله} أي المحيط بكل شيء عظمة وعلماً {تفترون*} مع نسبتكم الافتراء إلي في هذا القرآن الذي أعجز الأفكار والشرع الذي بهر العقول وادعائكم أنكم أبعد الناس عن مطلق الكذب وأطهرهم ذيولاً منه، وتقديم الجار للإشارة إلى زيادة التشنيع عليهم من حيث إنهم أشد الناس تبرؤاً من الكذب وقد خصوا الله - على تقدير التسليم لهم - بأن تعمدوا الكذب عليه.

ولما كان قد مضى من أدلة المعاد ما صيره كالشمس، وكان افتراءهم قد ثبت بعدم قدرتهم على مستند بإذن الله لهم في ذلك، قال مشيراً

<<  <  ج: ص:  >  >>