للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي أتتهم به الرسل ورضوا هم بما أحدث آباؤهم استحساناً له، أو لأنه كان بين أظهرهم بقايا على بقايا مما شرعته الرسل فكانوا يعظونهم فيما يبتدعون فلا يعون ولا يسمعون كما كان قس بن ساعدة وزيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل وغيرهم قبل بعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لكن المعنى الأول أولى - والله أعلم.

ولما قرر عدم انتفاعهم بالآيات، بنى ما يليه على سؤاله من لعله يقول: هل استمر الخلق فيمن بعدهم؟ فكأنه قيل: نعم! {كذلك} أي مثل ما طبعنا على قلوبهم هذا الطبع العظيم {نطبع} أي نوجد الطبع ونجدده متى شئنا بما لنا من العظمة {على قلوب المعتدين*} في كل زمن لكل من تعمد العدو فيما لا يحل له، وهذا كما أتى موسى عليه السلام إلى فرعون فدعاه إلى الله فكذبه فأخبره أن معه آية تصدقه فقال له: إن كنت جئت بآية فائت بها إن كنت من الصادقين، فلما أتاه بها استمرعلى تكذيبه وكان كلما رأى آية ازداد تكذيباً، وكان فرعون قد قوي ملكه وعظم سلطانه وعلا في كبريائه وطال تجبره على الضعفاء، فطمست أمواله وآثاره، وبقيت أحاديثه وأخباره، ولهذا أفصح سبحانه بقصته فقال: دالاً على الطبع: {ثم بعثنا} أي وبعد زمن طويل من إهلاكنا إياهم بعثنا، ولعدم استغراق زمن البعد أدخل الجار فقال: {من بعدهم} أي من بعد أولئك الرسل

<<  <  ج: ص:  >  >>