ولما كان سلب عبادته عن غيره ليس صريحاً في إثباتها له قال:{ولكن أعبد الله} أي الجامع لأوصاف الكمال عبادة مستمرة؛ ثم وصفه بما يوجب الحذر منه ويدل على كمال قدرته {الذي يتوفاكم} بانتزاع أرواحكم التي لا شيء عندكم يعدلها. فلا تطمعون - عند إرادنه لنزعها - في المحاولة لتوجيه دفاع عن ذلك. وفي هذا الوصف - مع ما فيه من الترهيب - إشارة إلى الدلالة على الإبداء والإعادة، فكأنه قيل: الذي أوجدكم من عدم كما أنتم به مقرون بعدمكم بعد هذا الإيجاد وأنتم صاغرون، فثبت قطعاً أنه قادر على إعادتكم بعد هذا الإعدام بطريق الأولي فاحذروه لتعبدوه كما أعبده فإنه قد أمرني بذلك وأنتم تعرفون غائلة الملك إذا خولف، وقال {إن كنتم في شك} مع أنهم يصرحون ببطلان دينه، لأنهم في حكم الشاك لاضطرابهم عند ورود الآيات، أو لأن فيهم الشاك فغلب لأنه أقرب إلى الحيز؛ والشك: وقوف بين المعنى ونقيضه، وضده الاعتقاد فإنه قطع بصحة المعنى دون نقيضه، وعبر ب «من» إشارة إلى أن فعلهم ذلك ابتدأ من الدين، ولو عبر ب «في» لأفهم أنهم دخلوا فيه لأنهم في الشك والشك في الدين، والظرف لظرف الشيء ظرف لذلك الشيء، وترك العطف إشارة إلى أن كل جواب منها كاف على حياله.