في الخسارة لأنا إذا ضيعنا أخانا فنحن لما سواه من أموالنا أشد تضييعاً؛ وأعرضوا عن جواب الأول لأنه لا يكون إلا بما يوغر صدره ويعرف منه أنهم من تقديمه في الحب على غاية من الحسد لا توصف، وأقله أن يقولوا: ما وجه الشح بفراقه يوماً والسماح بفراقنا كل يوم، وذلك مما يحول بينهم وبين المراد، فكأنه قيل: إن هذا الكيد عظيم وخطب جسيم، فما فعل أبوهم؟ فقيل: أجابهم إلى سؤلهم فأرسله معهم {فلما ذهبوا} ملصقين ذهابهم {به وأجمعوا} أي كلهم، وأجمع كل واحد منهم بأن عزم عزماً صادقاً؛ والإجماع على الفعل: العزم عليه باجتماع الدواعي كلها {أن يجعلوه} والجعل: إيجاد ما به يصير الشيء على خلاف ما كان عليه، ونظيره التصيير والعمل {في غيابت الجب} فعلوا ذلك من غير مانع، ولكن لما كان هذا الجواب في غاية الوضوح لدلالة الحال عليه ترك لأنهم إذا أجمعوا عليه علم أنهم لا مانع لهم منه؛ ثم عطف على هذا الجواب المحذوف لكونه في قوة الملفوظ قوله:{وأوحينا} أي بما لنا من العظمة {إليه} أي إلى يوسف عليه الصلاة والسلام.
ولما كان في حال النجاة منها بعيدة جداً، أكد له قوله: