وهو نعم المولى ونعم النصير! فليحذر الساكن بها من أن يغلب عليه طبعها فيتصف بكل ذلك من قلة الغيرة وبغض الغريب، والجرأة في الباطل استصناعاً ومداهنة، والجبن في الحق، وكمال الذل للجبارين، والمجمجة في الكلام، بأن لا يزال يتعهد نفسه بأوامر الله ويحملها على طاعته، واتباع رسوله ومحبته، والنظر في سيرته وسير أتباعه، والتعشق لذلك كله، حتى يصير له طبعاً يسلخه من طبع البلد، كما فعل عُبادها، وأهل الورع منها وزهادها - أعاذنا الله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ونسأله أن يختم لنا بالصالحات، وأن يجعلنا من الذين لا خوف عليهم أبداً.
ذكر ما مضى بعدما تقدم من هذه القصة من التوراة: قال: فلما كان بعد سنتين رأى فرعون رؤيا كأنه واقف على شاطىء البحر، وكأن سبع بقرات صعدن من بحر النيل حسنات المنظر سمينات اللحوم، يرعين في المرج، وكأن سبع بقرات صعدن خلفهن من النيل قبيحات المنظر وحشيات مهزولات اللحوم، فوقفن إلى جانب البقرات السمان على شاطىء النهر، فابتلع البقرات القبيحات الحسنات المنظر السمينات،