للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أرادها، فلما ظن أن الأمر قد بلغ مداه، لوح لهم فعرفوه وقد أنسهم حسن عقله وبديع جماله وشكله ورائع قوله وفعله، فكان موضع الوجل والخجل، وموضع اليأس الرجاء، فحصل المراد على وفق السداد - والله الموفق؛ وذلك تنبيه لمن قيل لهم أول السورة

{لعلكم تعقلون} [يوسف: ٢] على الاقتداء بأفعال الهداة المهديين في التأني والاتئاد وتفويض الأمور إلى الحكيم، وأن لا يستعجلوه في أمر، وأن يعلموا أن سنته الإلهية جرت بأن الأمور الصعاب لا تنفذ إلا بالمطاولة لترتب الأسباب شيئاً فشيئاً على وجه الإحكام، وفي ذلك فوائد من أجلها امتحان أولى الطاعة والعصيان - كما ستأتي الإشارة إليه آخر السورة بقوله؛ {حتى إذا استيئس الرسل} [يوسف: ١١٠] الآية والله أعلم.

ولما كان ما ذكر، كان كأنه قيل: لقد أتاهم ما لم يكونوا يحتسبون فما قالوا؟ فقيل: {قالوا} متعجبين غاية التعجب. ولذلك أقسموا بما يدل على ذلك: {تالله} أي الملك الأعظم {لقد آثرك الله} أي الذي له الأمر كله {علينا} أي جعل لك أثراً يغطي آثارنا بعلوه فالمعنى: فضلك علينا أي بالعلم والعقل والحكم والحسن والملك والتقوى

<<  <  ج: ص:  >  >>