وهو يرجع إلى الإقامة والدوام أيضاً؛ والتثريب: التقرير بالذنب، فهو إزالة ما على الإنسان من ساتر العفو، من الثرب وهو شحم يغشى الكرش والأمعاء ويسترهما، وهو من لوازم الأرض السهلة لما يلزم من خصبها، فالتثريب إزالته، وذلك للقحط الناشىء عنه الهلاك، فأغلب مدار المادة الهلاك.
ولما أعفاهم من الترثيب، كانوا في مظنة السؤال عن كمال العفو المزيل للعقاب من الله، فأتبعه الجواب عن ذلك بالدعاء لهم بقوله:{يغفر الله} أي الذي له صفات الكمال {لكم} أي ما فرط منكم وما لعله يكون بعد هذا؛ ولعله عبر في هذا الدعاء بالمضارع إرشاداً لهم إلى إخلاص التوبه، ورغبهم في ذلك ورجاهم بالصفة التي هي سبب الغفران، فقال:{وهو} أي وحده {أرحم الراحمين *} أي لجميع العباد ولا سيما التائب، فهو جدير بإدرار النعم بعد الإعاذة من النقم، وروى أنهم أرسلوا إليه أنك لتدعونا إلى طعامك وكرامتك بكرة وعشياً ونحن نستحي لما فرط منا، فقال: إن أهل مصر ينظرونني - وإن ملكت فيهم - بعين العبودية فيقولون: سبحان من بلغ عبداً بيع بعشرين درهماً ما بلغ، ولقد شرفت الآن