ولما بينوا وجه المفارقة، عطفوا عليه بيان العذر فيما طلبوه منهم فقالوا:{وما} أي فما كان لنا أن نتفضل عليكم بشيء من الأشياء لم يؤذن لنا فيه، وما {كان} أي صح واستقام {لنا أن نأتيكم بسلطان} مما تقترحونه تعنتاً، وهو البرهان الذي يتسلط به على إبطال مذهب المخالف للحق غير المعجزة التي يثبت بها النبوة {إلا بإذن الله} أي بإطلاق الملك الأعظم وتسويفه، فنحن نتوكل على الله في أمركم إن أذن لنا في الإتيان بسلطان أو لم يأذن وافقتم أو خالفتم {وعلى الله} أي الذي له الأمر كله ولا أمر لأحد معه وحده {فليتوكل} أي بأمر حتم {المؤمنون *} فكيف بالأنبياء؛ ثم بينوا سبب وجوب التوكل بقولهم:{وما} أي وأي شيء {لنا} في {ألاّ نتوكل على الله} أي ذي الجلال والإكرام {و} الحال أنه {قد هدانا سبلنا} فبين لنا كل ما نأتي وما نذر، فلا محيص لنا عن شيء من ذلك، فلنفعلن جميع أوامره، ولننتهين عن جميع مناهيه {ولنصبرن} أكدوا لإنكار أن يصبر الرسول - مع وحدته - على أذاهم مع كثرتهم وقوتهم {على ما} وعبر بالماضي إشارة إلى أنهم عفوا عن أذاهم