محاورة أخرى، عاطفاً لها على ما مضى، فقال:{وقال الذين كفروا لرسلهم} مستهينين بمن قصروا التجاءهم عليه، مؤكدين لاستشعارهم بإنكار من رأى مدافعة الله عن أوليائه لقولهم: والذي يحلف به! ليكونن أحد الأمرين: {لنخرجنكم من أرضنا} أي التي لنا الآن الغلبة عليها {أو لتعودن في ملتنا} بأن تكفوا عن معارضتنا كما كنتم دعوى الرسالة، فإطلاق ملتهم على السكوت عنهم من إطلاق اسم الكل على الجزء على زعمهم مثل {جعلوا أصابعهم في آذانهم}[نوح: ٧] وهو مجاز مرسل، فصبروا على ذلك كما أخبروا به توكلاً على ربهم واستمروا على نصيحتهم لهم بدعائهم إلى الله {فأوحى إليهم} أي كلمهم في خفاء بسبب توعد أممهم لهم، مختصاً لهم بذلك {ربهم} المحسن إليهم الذي توكلوا عليه، تسكيناً لقلوبهم وتسلية لنفوسهم، وأكد لما - لمن ينظر كثرة الكفار وقوتهم - من التوقف في مضمون الخبر ولا سيما إن كان كافراً، قائلاً:{لنهلكن} بما لنا من العظمة المقتضية لنفوذ الأمر؛ والإهلاك: إذهاب الشيء إلى حيث لا يقع عليه الإحساس {الظالمين *} أي العريقين في الظلم، وربما تبنا على بعض