ولما كانوا عند إتيان العذاب قبل الموت لا ينكسرون بالكلية، بين أنهم إذ ذاك على غير هذا، فقال عاطفاً على «يأتيهم» : {فيقول الذين ظلموا} أي أوجدوا هذا الوصف ولو على أدنى الوجوه منهم ومن غيرهم بسبب إتيانه من غير تمهل، وقد زال عنهم ما يفتخرون به من الأنفة والحمية والشماخة والكبر لما رأوا من الأهوال التي لا قبل لهم بها ولا صبر عليها:{ربنا} أي أيها المحسن إلينا بالخلق والرزق والتربية {أخرنا} أي أمهلنا {إلى أجل قريب} فإنك إن تؤخرنا إليه {نجب دعوتك} أي استدراكاً لما فرطنا فيه؛ والإجابة: القطع على موافقة الداعي بالإرادة {ونتبع} أي بغاية الرغبة {الرسل} فيقال لهم: إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر، أولم تكونوا تقولون: إن عرى صبركم لا تنحل، وحد عزائمكم لا يفل؟ {أولم تكونوا} أي كوناً أنتم فيه في غاية المكنة {أقسمتم} أي جهلاً وسفهاً أو أشراً وبطراً.
ولما لم يكن وقت إقسامهم مستغرقاً للزمان قال:{من قبل}