بقوله:{ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} أي عند مشاهدة تلك الأحوال الجلائل، ثم قال تعالى تأكيداً لذلك الوعيد {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون} ثم أعقب تعالى: هذا ببيان ما جعله سنة في عباده من ارتباط الثواب والعقاب معجلة ومؤجلة بأوقات وأحيان، لا انفكاك لها عنها ولا تقدم ولا تأخر، إذ استعجال البطش في الغالب إنما يكون ممن يخاف الفوت، والعالم بجملتهم لله تعالى وفي قبضته لا يفوته أحد منهم ولا يعجزه، وقال تعالى:{وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم} وكان هذا يزيد أيضاحاً قوله عز وجل: {إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار}[إبراهيم: ٤٢] وقوله: [وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب} وقوله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض}[إبراهيم: ٤٨] الآية؛ وتأمل نزول قوله:{ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} على هذا وعظيم موقعه في اتصاله به ووضوح ذلك كله، وأما افتتاح السورة بقوله:{الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين} فإحالة على أمرين واضحين: أحدهما ما نبه به سبحانه من الدلائل والآيات كما يفسر، والثاني ما بينه القرآن المجيد وأوضحه وانطوى عليه من الدلائل والغيوب والوعد والوعيد وتصديق بعض ذلك بعضاً، فكيف لا يكون