حال قومه إشارة إلى أن الملائكة إن كانوا بصفات البشر لم يعرفهم الكفرة، وإن كانوا بصفاتهم أو بإظهار شيء من خوارقهم لم تحتمله قواهم، فلا نفع لهم في مكاشفتهم في حالة من الحالات، فسؤالهم الإتيان بهم جهل عظيم، فقال تعالى:{وجاء أهل المدينة} أي التي كان هذا الأمر فيها - قالوا: وهي سدوم - لإرادة عمل الفاحشة بالأضياف {يستبشرون *} أي يلوح على بشراتهم السرور، فهم يوجدونه لأنفسهم إيجاد من هو شديد الرغبة في طلبه، فكان حال لوط عليه السلام أن {قال} لهم: {إن هؤلاء} أي الأقرباء مني {ضيفي} .
ولما كان إكرام الضيف إكراماً لمن هو عنده وإهانته إهانته، سبب عن ذلك ما أشار إليه الكلام فقال:{فلا تفضحون *} في إصابتهم بفاحشة، وكان ذلك قبل معرفته أنهم ملائكة {واتقوا الله} أي الذي له جميع العظمة {ولا تخزون *} أي بإهانة ضيفي، فيكون ذلك عاراً عليّ مدى الدهر، فلم يكفهم ذلك بل {قالوا} بفظاظة، عاطفين على ما تقديره: ألم تعلم أنا لا نترك هذا الأمر لشيء من الأسباب: {أو لم ننهك} أي من قبل هذا {عن العالمين *} أن تجير علينا