ولما كانت النفس بخبر الأعلم أوثق، وكان صانع الشيء أعلم به من غيره فكيف إذا كان مع ذلك تام للعلم قال الله تعالى معللاً لذلك {إن ربك} أي المحسن إليك {وهو الخلاّق} أي التام القدرة على الإيجاد والإعدام، الفعال لذلك «العليم» البالغ العلم؛ ولما ختم بهذين الوصفين بعد تقدم الأخبار عما أوتى أهل الحجر من الآيات، وأنه خلق الوجود بالحق لا بالتمويه، وكان ذلك موجباً لتوقع الإخبار عما أوتي هذا النبي الكريم منها لإرشاد أمته، وكانت الآيات إما أن تكون من قسم الخلق كآية صالح، أو من قسم الأمر الذي هو مدار العلم، أشار إلى تفضيله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بفضل ابنه، فقال عاطفاً على ذلك {ولقد ءاتيناك} أي إن كنا أتينا صالحاً أو غيره آية مضت فلم يبق إلا ذكرها فقد آتيناك {سبعاً من المثاني} وهي الفاتحة التي خصصت بها، ثنى فيها البسملة للمبادىء، والحمدلة للكمالات، والرحمانية والرحيمية فيها للإبداع الأول والمرضي من الأعمال، وملك الدنيا المسمى بالربوبية لكونه مستوراً، وملك يوم الدين، وبينهما رحمانية الإيجاد الثاني بالمعاد ورحيمية الثواب للمرضي من الأسباب،