المبين} تحريضاً على الاجتهاد في التحذير، وتثبيتاً للمؤمنين وإرغاماً للمعاندين، واستجلاباً لمن أراد الله إسعاده من الكافرين، إعلاماً بأن القلوب للمؤمنين بيد الله سبحانه وتعالى، فلا وثوق مع ذلك بمقبل، ولا يأمن عن مدبر.
ولما تم ذلك على هذا النظم الرصين، والربط الوثيق المتين، التفت الخاطر إلى حال من يندرهم، وكان كفار قريش - في تقسيمهم القول في القرآن واقتسامهم طرق مكة لإشاعة ذلك البهتان، تنفيراً لمن أراد الإيمان - أشبه شيء بالمقتسمين على صالح عليه السلام، قال تعالى {كما} أي آتينا أولئك المقتسمين آياتنا فكانوا عنها معرضين، مثل ما {أنزلنا} آياتنا {على المقتسمين} أي الذين تقاسموا برغبة كبيرة واجتهاد في ذلك {الذين جعلوا القرآن عضين} أي ذا أعضاء أي أجزاء متفاصلة متباينة مثل أعضاء الجزور إذا قطعت، جمع عضة مثل عدة وأصلها عضوة {فوربك لنسئلنهم أجمعين} أي لا يمتنع علينا منهم أحد {عما كانوا يعملون فاصدع} أي بسبب أمرنا لك بالإنذار وإخبارك أنا نسأل كل واحد عما عمل {بما تؤمر وأعرض عن المشركين} .