تركه من الهداية ترك المنسي فإنه ليس في يد غيره شيء، ونقل الصغاني في مجمع البحرين أنه يقال: ضل فلان البعير أي أضله، والضلال عند العرب سلوك غير سبيل القصد، فالمعنى أنه كان سبباً لسلوك البعير غير المقصود، فمعنى الآية: لا تهدي من يضله الله - بفتح الياء، أي يكون سبباً لسلوكه غير سبيل القصد، فلا تحزن ولا يضيق صدرك من عدم تأثرهم بنصحك وإخلاصك في الدعاء، ولا يقع في فكرك أن في دعائك نقصاً، إنما النقص في مرائيهم العمياء، وليس عليك إلا البلاغ. وقوله تعالى -: {وما لهم} أي هؤلاء الذين أضلهم الله وجميع من يضله {من ناصرين *} أي ينصرونهم عند مجازاتهم على الضلال، لينقذوهم مما لحقهم عليه من الوبال، كما فعل بالمكذبين من قبلهم - عطف على نتيجة ما قبله، وهو فلا هادي لهم ما أراد الله ضلالهم، وتبكيت لهم وتقريع وحث وتهييج على أن يقوموا بأنفسهم ويستعينوا بمن شاؤوا على نصب دليل ما يدعونه من أنهم أتبع الناس للحق، إما بأن يبرهنوا على صحة معتقدهم أو يعينوهم على الرجوع عنه عند العجز عن ذلك، أو يكفوا عنهم العذاب إذا حاق بهم.