للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أشرف من الجماد، رقي الحكم إليه بخصوصه فقال تعالى: {ولله} أي الذي له الأمر كله {يسجد} أي يخضع بالانقياد للمقادير والجري تحت الأقضية، وعبر بما هو ظاهر في غير العقلاء مع شموله لهم فقال تعالى: {ما في السماوات} ولما كان المقام للمبالغة في إثبات الحكم على الطائع والعاصي، أعاد الموصول فقال تعالى: {وما في الأرض} ثم بين ذلك بقوله تعالى: {من دآبة} أي عاقلة وغير عاقلة.

ولما كان المقرب قد يستهين بمن يقربه، قال مبيناً لخضوع المقربين تخصيصاً لهم وإن كان الكلام قد شملهم: {والملائكة} .

ولما كان الخاضع قد يحكم بخضوعه وإن كان باطنه مخالفاً لظاهره، قال - دالاً على أن في غيرهم من يستكبر فيكون انقياده للإرادة كرهاً، وعبر عن السجودين: الموافق للأمر والإدارة طوعاً، والموافق للارداة المخالف للأمر كرهاً، بلفظ واحد، لأنه يجوز الجمع بين مفهومي المشترك والحقيقة والمجاز بلفظ: {وهم} أي الملائكة {لا يستكبرون *} ثم علل خضوعهم بقوله دلالة على أنهم كغيرهم في الوقوف بين الخوف والرجاء: {يخافون ربهم} أي الموجد لهم، المدبر لأمورهم، المحسن إليهم، خوفاً مبتدئاً {من فوقهم} إشارة إلى علو الخوف عليهم وغلبته لهم، أو حال كون ربهم مع إحسانه إليهم له العلو والجبروت، فهو المخوف المرهوب،

<<  <  ج: ص:  >  >>