ولما كان السياق مفهماً للوحدانية من النهي عن التثنية، وكان ربما تعنت متعنت بأن المراد إثبات الإله الدال على الجنس، قال رافعاً لكل شبهة:{واحد} أي لا يمكن أن يثني بوجه ولا أن يجزأ لغناء المطلق عن كل شيء واحتياج كل شيء إليه، فكونوا ممن يسجد له طوعاً ولا تكونوا ممن لا يسجد له إلا كرهاً.
ولما كان أسلوب الغيبة لا يعين الإله في المتكلم، التفت إلى أسلوب التلكم فقال تعالى:{فإياي} أي ذلك الواحد أنا وحدي لا شريك لي، فمن لم يوحدني أوقعت به بقوتي ما لا يطيقه لعجزه.
ولما كانت الوحدانية مما لا يخفى على عاقل، وكانت مركوزة في كل فطرة بدليل الاضطراب عند المحن، والشدائد والفتن، وكانت الرهبة - كما مضى عن الحرالي في البقرة - خاصة بالخوف مما خالف العاصي فيه العلم، عبر بها فقال تعالى:{فارهبون *} مختصاً بذلك ولا تخافوا شيئاً غيري من صنم ولا غيره، فإنه ليس لشيء من ذلك قدرة، وإن أودعته فإنه لا يتمكن من إنفاذها، فالأمر كله إليّ وحدي.