للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتصير كاسدة بعد أن كانت رابحة وإن طال المدى، مع خصوصها بناس دون غيرهم، ولا يخلو يوم من الأيام لملك غيره من جري أمور على غير مراده وإن عظم سلطانه، وعلا شأنه، وكثرت أعوانه، فكيف يتصور من له أدنى بصر أن يكون غيره إلهاً، وقد تقدم في {إن ربي على صراط مستقيم} [هود: ٥٦] في هود ما ينفع استحضاره هنا.

ولما تقرر هذا الدليل على هذه الصفة، وكان من مفهومات الدين الجزاء الناظر إلى الأفعال الواقية مما يضر، تسبب عنه الإنكار الشديد على من يلتفت بشيء من أفعاله إلى غيره بعد علمه بأنه دائم لا يزول، وأن كل ما سواه زائل، فقال معبراً بالتقوى التي هي نتيجة الرهبة: {أفغير الله} أي الذي له العظمة كلها {تتقون *} وأتبع ذلك ما يوجب تعظيم الإنكار عليهم، فقال مبيناً أنه لا ينبغي أن يتعلق خوف ولا رجاء إلا به: {وما بكم} أي التبس بكم أيها الناس عامة مؤمنكم وكافركم {من نعمة} أي جليلة أو حقيرة {فمن الله} أي المحيط بكل شيء وحده لا من غيره.

ولما كان إخلاصهم له - مع ادعائهم ألوهية غيره - أمراً مستبعداً، عبر بأداة التراخي والبعد في قوله تعالى: {ثم إذا مسكم} أي أدنى مس

<<  <  ج: ص:  >  >>