{للذين لا يؤمنون} أي لا يوجدون الإيمان أصلاً {بالآخرة مثل} أي حديث {السوء} من الضعف والحاجة والذل والرعونة {ولله} أي الذي له الكمال كله {المثل} أي الحديث أو المقدار أو الوصف أو القياس {الأعلى} من الغنى والقوة وجميع صفات الكمال بحيث لا يلحقه حاجة ولا ضعف ولا شائبة نقص أصلاً، وأعدل العبارات عن ذلك لا إله إلا الله، ويتأتى تنزيل المثل على الحقيقة كما سيأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى في سورة الروم.
ولما كان أمره سبحانه وتعالى أجل مما تدركه العقول، وتصل إليه الأفهام، أشار إلى ذلك بقوله تعالى:{وهو} لا غيره {العزيز} الذي لا يمتنع عليه شيء فلا نظير له {الحكيم *} الذي لا يوقع شيئاً إلا في محله، فلو عاملهم بما يستحقونه من هذه العظائم التي تقدمت عنهم لأخلى الأرض منهم {ولو يؤاخذ الله} أي الملك الأعظم الذي له صفات الكمال {الناس} كلهم.
ولما كان السياق للحكمة، وكان الظلم - الذي هو إيقاع الشيء في غير موقعه - شديد المنافاة لها، وكان الشرك - الذي هذا سياقه -