ولما كان حاصل ما مضى الخلاف والضلال والنقمة، كان كأنه قيل: فبين لهم وخوفهم ليرجعوا، فإنا ما أرسلناك إلا لذلك {وما أنزلنا} أي بما لنا من العظمة من جهة العلو {عليك الكتاب} أي الجامع لكل هدى. ولما كان في سياق الدعاء والبيان عبر بما يقتضي الإيجاب فقال:{إلا لتبين} أي غاية البيان {لهم} أي لمن أرسلت إليهم وهم الخلق كافة {الذي اختلفوا فيه} من جميع الأمور ديناً ودنيا لكونك أغزرهم علماً وأثقبهم فهماً، وعطف على موضع «لتبين» ما هو فعل المنزل، فقال تعالى:{وهدى} أي بياناً شافياً {ورحمة} أي وإكراماً بمحبة.
ولما كان ذلك ربما شملهم وهم على ضلالهم، نفاه بقوله تعالى:{لقوم يؤمنون *} والتبيين: معنى يؤدي إلى العلم بالشيء منفصلاً عن غيره، وقد يكون عن المعنى نفسه، وقد يكون عن صحته، والبرهان لا يكون إلا عن صحته فهو أخص، والاختلاف: ذهاب كل إلى غير جهة صاحبه، والهدى: بيان طريق العلم المؤدي إلى الحق.